النظام المالي العالمي وصندوق النقد الدولي هيمنة بعباءة المثالية و القضاء على الفقراء بدلا من القضاء على الفقر !!!




تجسد نظام النقد الدولي في نظام صندوق النقد الدولي واختصاصاته ومسؤولياته حسب ما جاء في اتفاقيات بريتون وود في تموز 1944 م . فذلك النظام وتلك الاختصاصات والمسؤوليات تشكل بمجموعها نظام النقد الدولي واهم دعائم نظام النقد الدولي كما جاء في تلك الاتفاقيات : 

أولاً :- سعر الصرف  

 اتفقت الدول الموقعة على نظام الصندوق على تحديد أسعار عملاتها بمقادير محددة من الذهب سميت أسعار الصرف . إن أمريكا حددت قيمة الذهب بالدولار عندما حددت سعر صرف الدولار بواقع 35 دولار للاونصة  
( 31,1غرام) من الذهب وحددت الدول الأخرى أسعار صرف عملاتها بالنسبة لقيمة الدولار من الذهب ان امريكا بهذا العمل قد ضمنت ان تكون قيمة العملات والمعادن والخامات والسلع والبضائع والخدمات مقدرة ومقيمة بالدولار  . والسؤال الذي يطرح نفسه ' لماذا تم انتخاب الدولار لتحديد قيمة الذهب ؟ والإجابة على ذلك هي ان مكانة الولايات المتحدة الامريكية في النظام الدولي بعد الحرب على اعتبار انها الدولة الاولى والاقوى وأنها تمتلك اكبر اقتصاد في العالم لكونها اكبر دولة صناعية واكبر منتجة واكبر دولة مصدرة بالإضافة إلى امتلاكها 70% من مخزون الذهب العالمي . تم اعتبار الجنيه الإسترليني حسب معاهدة بريتون وودز الشريك الاصغر للدولار الأمريكي في النظام الجديد لكنه بقي حاله حال بقية العملات لان الدولار أصبح  سيد العملات وأساس التبادل .  
تعهدت أمريكا بإبقاء سعر الدولار ثابتاً وهو 35دولار للاونصة بينما سمحت لأسعار صرف العملات الأخرى بالتذبذب عن السعر الموحد أي حوله بواقع 1% هبوطاً او ارتفاعاً و لا يسمح للدول بتجاوز هذه النسبة . كما افترضت الاتفاقية ان يكون التذبذب ضمن الهامش المذكور حالات استثنائية كما تعهدت امريكا التي كانت تمتلك 70% من مخزون العالم من الذهب ببيع الذهب للبنوك المركزية ومؤسسات النقد للدول المشاركة في اتفاقية بريتون وودز وشراءه منها أي انها تعهدت بابدال الدولار الى الذهب او الذهب الى الدولار بواقع 35دولار للاونصة بمعنى اخر انها اخذت العهد على نفسها على ان تحافظ على سعر صرف الدولار ببيع وشراء الذهب بالسعر المحدد في الاتفاقية . 
كما تعهدت باستبدال احتياط الدول من الولار لى الذهب او بالعكس من الذهب الى الدولار على اساس سعر الدولار الثابت 35 دولار للاونصة في حال طلبت الدول منها ذلك تفرض اتفاقية بريتون وودز على جميع الدول ان تحافظ على سعر صرف عملتها لكي يبقى سعر صرفها ثابتاً فاذا اشتد الطلب على عملتها ادى هذا الى نقص في عملتها في السوق فيقل العرض ويزداد الطلب فيرتفع سعر صرفها فتوجب الاتفاقية على الدولة ان تقوم بضخ كميات من عملتها الى السوق وتسحب بدلها الدولار أي تبيع عملتها بالدولار . اما اذا حصل العكس وتخلص الناس من عملة دولتهم كما يحصل في المضاربات مما يؤدي الى وجود فائض من عملة تلك الدولة في السوق أي يزداد العرض فيجب على تلك الدولة أن تقوم بسحب هذه الزيادة في العرض عن طريق شراء عملتها بالدولار أي تضخ الدولار إلى السوق . بمعنى أخر تتحكم الدولة بالعرض والطلب على عملتها للإبقاء على سعر صرفها ثابتاً مستخدمة بذلك الدولار . 
بما إن سعر صرف العملة هو النسبة بين عملتين ولما كان الدولار هو مقياس العملات فتكون نسبة تلك العملة إلى الدولار  وان هذه النسبة قد تتأثر بتأثر إحداهما (أي بتأثر العملة أو بتأثر الدولار) وبصيغة أخرى أن سعر الصرف سوف يتأثر إذا تأثرت تلك العملة أو الدولار  وحسب اتفاقية بريتون وودز يتوجب على الدول المشاركة في هذه الاتفاقية المحافظة على سعر الصرف فان الدول مكلفة بالدفاع عن النسبة بين عملتها والدولار بمعنى أخر أنها مكلفة بالمحافظة على قيمة عملتها وقيمة الدولار لان الدولار هو الشريك الأخر في سعر الصرف وبهذا ضمنت أمريكا أن تحافظ جميع الدول على سعر صرف الدولار بدلاً من أن تقوم هي بالمحافظة على سعر صرف الدولار . بذلك تحملت الدول عبء المحافظة على عملتها وكذلك المحافظة على الدولار من خلال المحافظة على سعر الصرف بينما أمريكا لا تتدخل للدفاع عن الدولار لان عملها هو بيع وشراء الذهب وبهذا البيع والشراء تحافظ أو يفترض أن تحافظ على سعر صرف الدولار ثابتاً ولهذا يبقى الدولار متربعاً على عرشه ومتميزاً على العملات الأخرى . 
نص النظام المحافظة على أسعار صرف العملات وتعهدت الدول بذلك وأجاز النظام في ذات الوقت لأي دولة يتعرض اقتصادها لمصاعب قد يطول تأثيرها كالعجز المزمن في ميزان المدفوعات أجاز لها أن تخفض من قيمة عملتها بما لا يتجاوز الـ 10% من غير إذن من صندوق النقد الدولي وإنما يتم إشعاره بذلك فقط أم إذا زادت النسبة عن الـ 10% فلا بد من إذن الصندوق حسب نظام معين ولما كانت غاية إنشاء صندوق  النقد الدولي هو  المحافظة على أسعار صرف العملات فكان لزاماً عليه معالجة الأزمات النقدية والتجارية والاقتصادية بطرق غير تخفيض أسعار صرف العملات .
عملاً بمبدأ حرية السوق نص النظام على حرية تحويل العملات ومنع وضع قيود على ذلك فمنع وضع قيود على تحويل عملة ما لأي عملة أخرى ومنع التكتلات النقدية إلا انه أجاز لبعض الدول التي كانت عندئذ تعاني من مصاعب مالية وهي الدول الأوربية أن تؤخر التزامها بهذه النقطة حتى إشعار أخر .

ثانياً:- ميزان المدفوعات

بالرغم من أن نظام النقد الدولي نص على أن تحافظ الدول على تعادل ميزان مدفوعاتها من غير عجز أو فائض لما في العجز والفائض من مساس بدول أخرى, إلا انه عند التطبيق غض الطرف عن أمر الدولة ذات الميزان الفائض لكون أن أمريكا الدولة الأولى في ذلك النظام لديها فائض في ميزان مدفوعاتها وحينما طلب مندوب بريطانيا فرض غرامة بواقع 1% على الفائض في ميزان مدفوعات الدولة قوبل هذا الطلب برفض أمريكي واكتفت بالقول أن يصدر صندوق النقد الدولي توصيات لها بتخفيض الفائض أو التخلص منها بالكامل .
     يمكن للدولة أن تعالج الفائض في ميزان مدفوعاتها بزيادة النفقات أو تخفيض الصادرات وزيادة الاستيراد بتخفيض التعريفة الجمركية وإلغاء نفقات تشجيع الصادرات إن وجدت . ويمكن إن  يتم ذلك برفع سعر عملتها  مما يؤدي إلى نقص في الصادرات وزيادة في الاستيراد .كما يمكن أن يكون بتقديم مساعدات للدول الفقيرة  .
 أما الدول التي يعاني ميزان مدفوعاتها من عجز مزمن أو ما يسميه الصندوق عجز جوهري فقد اوجب عليها الصندوق اتخاذ إجراءات علاجية لإيجاد التعادل والاستقرار واوجب أن تتجاوز تلك الإجراءات مسحوبات الدولة من رصيدها في احتياطي صندوق النقد وان لا تصل إلى  حد تخفيض العملة إلا إذا عجزت الإجراءات  العادية .
ولبيان معاني سحب الدولة لرصيدها في احتياط الصندوق لابد من الإشارة إلى احتياطي صندوق النقد الدولي .اتفقت الدول حين تأسيس الصندوق على إيجاد احتياطي عام مشترك للصندوق يساهم في تكوينه جميع الدول حسب نظام حصص ويشترط أن تقدم كل دولة ربع حصتها أي ربع رصيدها لدى الصندوق ذهباً أو 10% من موجوداتها من الذهب والعملات الأخرى ويبقى هذا الرصيد تحت تصرف الدول حسب حاجتها ولكن بشروط وقيود  علماً انه يتوجب على كل دولة أن تستبدل عملتها التي أودعتها في الصندوق بعملات أخرى بنفس سعر الصرف خلال 3-5 سنوات  ويحق للدولة أن تسحب 125% من رصيدها خلال خمس دفعات أو سحوبات متساوية لتوفير السيولة في معاملاتها  وتستطيع الحصول على السحب الأول وهو سحب الذهب لدى الصندوق عند الطلب من غير اعتراض من الصندوق أو مسائلة . أما السحوبات الأربعة الباقية فتكون بحسب ظروف معينة وبشروط معينة وَلُجُوء الدولة إلى سحب رصيدها أو جزء منه من الصندوق عندما يتم بعد أن تبين له الإجراءات التي عزمت على اتخاذها لمعالجة العجز فاستعمال السحوبات ليس سوى إجراء وقتي وريثما تلتقط الدولة أنفاسها وتنفذ إجراءاتها والتوازن في ميزان المدفوعات يكون بين الصادر والوارد إذ أن ميزان المدفوعات هو عبارة عن سجل لحركة المعاملات بين الدولة ومواطنيها من جهة والخارج من جهةً أخرى مقدرةً بالنقد .فالتعادل يعني أن ما يخرج من البلد يجب إن يساوي ما يدخل إليه وفي هذا تقييد لسلطة الدولة في الإنفاق على المشاريع الإنمائية والبرامج الاجتماعية فتحدد الدولة تلك السياسة وعينها على ميزان المدفوعات ما دامت ملتزمة بنظام الصندوق . وعندما يكون الإنفاق أكثر من الوارد يحصل العجز مقدراً بالفرق بين الجانبين وهنا يتوجب على الدولة  إن تعمل من تلقاء نفسها لإعادة التوازن  وإلا  يتدخل الصندوق ليفرض  الإجراءات التي يتوجب على الدولة تنفيذها ويمكن معالجة العجز في ميزان المدفوعات  بطرق متعددة تماماً كالعائلة التي تنفق أكثر من دخلها .فحتى توجد التوازن بين النفقات والدخل عليها إما أن تقتصد في الإنفاق فتستغني عن بعض بنود الإنفاق أو أن تزيد من دخلها بان يفتش رب العائلة عن دخل إضافي يجني منه مزيداً من الدخل أو ان كان للعائلة مدخرات سابقة تنفق منها أو ان كان لها دين على آخرين قامت بتحصيله أو أن تبيع شيء من ممتلكاتها كعقار او مصوغات أو أن تستدين لتنفق او لتعمل مشروع تجاري يدر عليها ربحاً كحانوت مثلاً او ان تطلب الصدقة من الآخرين .
وطريقة معالجة الدولة للعجز في ميزان المدفوعات لا يختلف كثيراً عن هذا فعلى الدولة أن تتخذ إجراءات تجارية أو مالية أو نقدية والإجراء السريع الممثل في طلب الرصيد المودع لدى صندوق النقد الدولي ولا يعتبر إجراء ناجعاً فهو وقتي اما استعمال الدولة لاحتياطها من الذهب أو القطع النادرة أي العملات الصعبة فهو إجراء وقتي ولا يعتبر معالجة اقتصادية وان سد العجز مؤقتاً إذ سرعان ما ينفذ الاحتياطي وتفلس الدولة ويعود العجز إلى ميزان المدفوعات والديون الخارجية لا تحل المشكلة فان حلتها على المدى القصير فقد زادت في تعقيدها على المدى البعيد إذ سرعان ما يستحق الدين فتحتاج الدولة إلى دفع الإقساط وفوائدها مما يشكل عبئاً ثقيلاً على ميزان المدفوعات فان استعمل الدين في تمويل المشتريات الخارجية من السلع والخدمات وقعت الدولة في أحبولة الديون الخارجية الدولية ورهنت موجودات البلد وأصبحت الفوائد أو ما يسمى  بخدمة الدين لوحدها توجد مأزقا لميزان المدفوعات وهذا ما تلجأ إليه عادةً دول العالم الثالث . إما أن استعمل لدين في مشاريع إنتاجية مدروسة تؤدي إلا الاستغناء عن استيراد سلع أجنبية او تؤدي إلى زيادة في الصادرات توجد فائضاً يُمكن الدولة من سداد الدين , فان الدين يحل المشكلة إذا كانت الدولة تستبيح الفائدة أي الربا.
والحل الصحيح في العرف الدولي هو التحكم في الإنفاق والدخل والإجراءات الجارية تكون في زيادة الصادرات وتقليص الواردات وتكون زيادة الصادرات إما بزيادة الإنتاج أو بتحسين نوعيته مما يساعد في إنتاج الصادرات التي تلاقي رواجاً  أو يوجد لها رواجاً وحداً أدنى من المنافسة وتتدخل الدولة أحيانا في تشجيع الصادرات بتخفيض الضرائب على البضائع المصدرة أو بتقديم منح تشجيعية .إما تقليص الواردات فيكون بوضع قيود على الاستيراد بالحواجز الجمركية أو منع استيراد بعض السلع الكمالية التي يمكن الاستغناء عنها بالكامل أو التي يمكن الاستعاضة عنها بالمنتوجات المحلية مما يحمي الصناعات المحلية ويقوي منها ويمكنها من النجاح  علماً أن منع الاستيراد ورفع الحواجز الجمركية يتنافى مع السياسة الاقتصادية العالمية القائمة على حرية التجارة مما يؤدي إلى احتكاك مع حماة النظام الدولي . أما الإجراءات المالية فتتمثل في إجراءات التقشف القائمة على تقليل الإنفاق العام مثل تجميد الأجور والتدخل في التسعير والاستغناء عن الإنفاق على البرامج الاجتماعية والمشاريع غير الإنتاجية كمشاريع الطرق والمشاريع الترفيهية بالرغم من أن هذا سيؤدي إلى بطالة في الأيدي العاملة ومن هذه الإجراءات التوقف عن دعم بعض السلع الاستهلاكية , وزيادة الضرائب , وفرض ضرائب جديدة لزيادة دخل الدولة ورفع سعر الفائدة لاجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية او عودة رؤوس الأموال المحلية التي سبق لها وان خرجت بحثاً  عن زيادة في الربح وحركة رأس المال هذه تسجل لصالح ميزان المدفوعات ورفع سعر الفائدة يعتبر آلية فعالة في النظام الرأسمالي وخطورة هذا العمل تكمن في انه يقلل من الإقبال على المشاريع الإنتاجية لسببين:
أ‌-        اكتفاء أصحاب رأس المال بالفائدة التي يحصلون عليها من سعر الفائدة المرتفع.
ب‌-      ضعف الحافز إلى الاقتراض من اجل المشاريع الإنتاجية لما في الاقتراض من عبء الفائدة على الجدوى الاقتصادية من المشاريع وغني عن القول إن إجراءات التقشف لا يمكن إن تكون طويلة الأمد وبخاصة في الدول الديمقراطية  لما في هذا العمل من تضييق على الناس مما يدفعنا للعمل ضد الحكومات أو ضد الحزب الحاكم أو ضد النظام ككل .
أما الإجراءات النقدية فتتمثل في تخفيض قيمة عملة الدولة . انه وان كان هذا الإجراء يخالف سياسة صندوق النقد لدولي فانه يبقى إجراءً مقبولاً في حالة الضرورة فتخفيض دولة ما لعملتها يعطي صناعات تلك الدولة القدرة  على المنافسة في الأسواق الخارجية مما يمكنها من زيادة صادراتها لان انخفاض العملة يعني انخفاض أسعار السلع المنتجة في الوقت الذي يرفع أسعار السلع المستوردة مما يقلل الاستيراد وهذا مشروط في المحافظة على مستوى الأجور لان ارتفاع الأجور يؤدي إلى ارتفاع في سعر تكلفة السلع فيرتفع سعرها وتضعف قدرتها على المنافسة ولما كانت عملة أي بلد ترتبط بسمعة ذلك البلد فان تخفيض العملة  غير محمود وقلما تلجئ إليه الدول التي تشعر بعظمة بلدها فتعمل للمحافظة على تلك العظمة فالتخفيض يقلل الثقة بتلك العملة مما يؤثر على سمعة البلد .
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول الكبرى أو جميعها تلجأ إلى تمويل بعض نفقاتها كي لا تضطر إلى الاقتراض أو إلى فرض إجراءات تقشف قد تحدث ردة فعل شعبية ولكي لا تضطر أيضا  إلى تخفيض عملتها مما يجرح كرامتها . أي أن العجز في ميزان المدفوعات وعجز الميزانية يتم سده بإصدار نقد جديد ليس له أساس أو غطاء يدعمه  أي بالسحب على المكشوف . وتوسع الدولة بإصدار النقد بهذه الطريقة يسبب تضخماً أي ارتفاعاً في الأسعار . فكمية النقد المتداول في أي بلد تساوي مجموع السلع والخدمات في ذلك البلد فإذا نقصت السلع والخدمات كما يحدث في الحروب وبقي النقد على حاله ارتفعت أسعار السلع والخدمات وان ازداد النقد في بلد وبقيت السلع والخدمات على حالها فسوف ترتفع أسعارها أيضا . والتضخم الناجم عن الإسراف في إصدار النقد هو التضخم المخيف لان إصدار النقد يكون بشكل مضطرب وليس حالة فريدة  فهو يمثل سياسة دولة اتخذت هذا الأسلوب طريقة لمعالجة قضايا لها . إما أن حصلت الزيادة في إصدار النقد بنسبة بسيطة وفي حالات محدودة فان ارتفاع الأسعار لا يكاد يلاحظ وتزيد الدول عادة من ارتفاع النقد بقدر ما تزيد سلعها وخدماتها أي بمقدار النمو الاقتصادي فيها  وهذا النوع من الزيادة في النقد لا يؤثر على الأسعار .
ومعنى ارتفاع الأسعار الناجمة عن خلل في التوازن بين النقد والسلع والخدمات إن القوة الشرائية للنقد قد انخفضت وأصبحت قوة النقد الفعلية اقل من قيمته الأساسية مما يقضي تخفيض قيمة العملة  وطرق معالجة التضخم تتم بإعادة التوازن بين النقد والسلع والخدمات وذلك إما بزيادة مجموع السلع والخدمات لتنشيط الاقتصاد أي الجانب الإنتاجي منه وإما بسحب الزيادة في النقد من التداول وتتم عملية سحب النقد الزائد برفع أسعار الفائدة مما يشجع الناس على ادخار أموالهم في البنوك أو بالطلب من البنوك التجارية رفع نسبة أرصدتها المودعة في البنك المركزي فتجمد في البنك المركزي وترفع من التداول ومن شان هذا أن يقلل من الاستثمار  وان يرفع من الركود الاقتصادي  .
وكما يضرب التضخم بلداً يعاني ميزان مدفوعاته من العجز فانه يضرب بلداً يحقق ميزان مدفوعاته فائضاً لذات السبب والذي هو اختلال التوازن بين النقد المتداول ومجموع السلع والخدمات .وهذا النوع من التضخم قد لا يكون نتيجة لتحرك طبيعي في واردات الدولة ونفقاتها وإنما نتيجة لهجوم رأس المال الأجنبي على هذا البلد ففي هذه الحالة يتعرض نقد هذا البلد إلى ضغط ويزداد الطلب عليه فإما أن يرفع البلد سعر عملته ليستوعب المستجد من النقد الأجنبي وأما أن يبقي سعر عملته كما هو فيدافع عن سعر صرفها بطرح كميات منها في السوق وامتصاص النقد الأجنبي وقد تصل الكميات التي يطرحها من نقده للتداول إلى بليون دولار يومياً أي بضعة بلايين في أيام مما يؤدي إلى خلل في التوازن بين النقد المتداول ومجموع السلع والخدمات . إلا أن اثر هذا النوع من الخلل محدود وقصير الأجل لان النقد الخارجي المتدفق غالباً  ما يعود أدراجه إلى الخارج بعد حصول الاستقرار النقدي في البلد كما يحصل في عمليات المضاربة .

ثالثاً:-  احتياط الدول من النقد .

ينص نظام صندوق النقد على إن يتكون احتياط الدول من الذهب والدولار والجنيه وهذا إن أبقى على دور الذهب في نظام النقد باعتباره احد موجودات الاحتياطي وأعمدته فانه في الوقت نفسه ساوى بين الذهب والدولار والجنيه الإسترليني الذي أطلق عليه – وكما أسلفنا سابقاً -  الشريك الأصغر للدولار ولما كانت مشكلة التجارة الدولية بل الاقتصاد الدولي تكمن من وجهة نظر أمريكا في السيولة النقدية ولما كان الذهب كما ترى لا يكفي في توفير السيولة اللازمة فقد اسند هذا الدور للدولار بشكل رئيسي لان اقتصاد أمريكا وكما أسلفنا كان يمثل اكبر اقتصاد في العالم مما سيوجد له أثرا كبيراً على احتياطي الدول ويجعل بالتالي من تلك الأرصدة من الدولار المكدسة في بنوك العالم المركزية أداة ضغط أمريكية على دول العالم .
لم تشارك دول المعسكر الاشتراكي في المؤسسات الدولية الاقتصادية وبقيت خارج نظام النقد الدولي وعاشت نظامها الاقتصادي التجاري والنقدي الذي جسده اتفاق الكوميكون بمعزل عن الدول الرأسمالية .

0 comments:

Blog Tips
Blog Tips
2009@ سوالف عراقية

اشترك معنا في سوالف عراقية