شرف المرؤ – نزاهته !
شرف المرؤ – نزاهته !
المهندس حسن احمد
لقد استهوتني عبارة --- شرف المرء نزاهته ---- وهو مطبوع اعلاني لهيئة النزاهة , لاكتب هذه السطور حول انسانية الانسان وقيمه ! والذي قال فيه علي ع قوله الشهير ( اتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر ) ليس الانسان بجسمه ... طولا وعرضا ... وانما بما يحمل من قيّم انسانية عليا تميّزه عن باقي المخلوقات , وكلما تنوعت منظومة القيم لديه ووصلت لدرجة القمة في مراتب رقيها , كان هذا المخلوق قريبا من مرتبة الكمال ... فكما الرقي مطلوب كذلك تعدد القيم وتنوعها هو الاخر مطلوب ... فالشجاعة بمفردها لاتقّرب صاحبها من مرتبة السمو الانساني , وكذا الكرم او الزهد بمفرده وغيرها من قيم الخير ... فهي لاتجدي نفعا عندما تكون قيم منفردة في شخصية الانسان .... انما الانسان النموذج الذي يحمل نسبا متفاوتة من جميع انواع منظومة قيم الخير ... ويشبه الانسان الاحادي الابعاد في منظومة قيمه , حين تتمدد عنده قيمة واحدة على حساب قيم الانسانية الاخرى , كما هو الطفل الذي ينمو فيه جزء واحد من جسمه ويتوقف نمو اجزائه الاخرى , فيصبح مخلوقا مشوها , مسخا . ان واحدا من الامور التي لاتفسر تفسيرا ماديا هو القيم الانسانية , او بالاحرى هي " انسانية الانسان " وهي بذات الوقت الجزء الاهم من هذا الكائن العجيب الذي اسمه الانسان و لكل منها صفة نوعية لاتنفصل عنها , فقد نقول : الاسودية للاسد والنمرية للنمر والكلبية للكلب والحصانية للحصان , واذ ليس بالامكان العثور على نمر لانمورية فيه , او كلبا لاكلبية فيه , ولكن الانسان هو وحده الذي يمكن ان يكون انسانا لاانسانية فيه , بمعنى من الممكن العثور على انسان لاقيّم له ! ذلك لان الامور التي تمنح الانسان خصوصياته الانسانية , والتي تعتبر المقياس الذي تقاس به , هي امور معنوية وليست مادية محسوسة , ثم ان الامور التي هي معيار انسانية الانسان , والتي ترسم للانسان شخصيته وتحدد هويته , وهي مقاسا لفضيلته , لاتصنعها الطبيعة ولا أي معمل او مختبر , بل الانسان وحده هو الذي يصنعها , بتجربته في هذه الحياة وبجده واجتهاده في ميادين البحث والتحصيل المعرفي , وبتفاعلاته مع بيئته ومحيطه الاجتماعي وبالمؤثرات التربوية والاجتماعية المحيطة به ... قد ينحرف الفرد او المجتمع بحيث تنموا احيانا احدى القيم , نموا سرطانيا وتبتلع سائر القيم الاخرى , تنتج قيمة جديدة غريبة على ذلك المجتمع , كما حدث في عراق ما بعد التغيير , حيث نمت قيم التغالب والفهلوة واللصوصية على حساب القيم الاخرى وطغت عليها او طمستها , حيث اصبحت قيمة المال هي السائدة والطاغية على جميع القيم الاخرى , كقيمة بديلة لم تكن معهودة من قبل , واصبح الديناصور المال هو المتحكم بمصائر العباد والبلاد , فهو المحرك والدافع للقتل او بيع العرض والضمير او لشراء الذمم , استهوى بريقه جل من تصدى للشان العام , ومن مختلف مستويات المسؤولية , وفي الاثر الديني ان الناس يحشرون على عدة افواج يوم الحساب , واحد منها فوج بشري والاخرى افواج من المسوخ من بني آدم مسخا معنويا او ماديا , فمن كان همه الى آخر يوم من عمره السعي في اذى الناس ولسعهم , وقد مات على هذه النوايا , فلا يحشر الا بهيئة عقرب , وكذاك الفرد المتماهي مع كرسي السلطة لم يبق من انسانيته الا قيمة واحده هي الكرسي , فهو والكرسي شيء واحد متحد المعنى , وهكذا القياس صحيح مع كل من لايمتلك الا بعدا واحدا لمعنى وجوده ورسالته . ضمير مستتر " لاتبع جوهر السكوت بالرخيص من الكلام " |
0 comments: