أثار من بلادي (4).. الملك سرجون الأكدي
سرجون الثاني ملك أشور من 722 - 705 ق.م . وهو ابن تغلث فلاسر الثالث وخليفة أخيه شلمنأسر الخامس. وقبل اكتشاف نقوسَّه وحل رموزها ، كان بعض العلماء يخلطون بينه وبين سلفه شلمنأسر الخامس (الذي كان يعتبر خطأ أنه الرابع) . كما أن البعض الآخر خلط بينه وبين ابنه سنحاريب . ولكن في 1843م ، شرع "بول إميل بوتا" (Paul – Emile Botta) - القنصل الفرنسي في الموصل بالعراق - في النتقيب في "خورسباد" التي ثبت أنها المدينة القديمة "دار شاروكين" (أي "قلعة سرجون") ، وهي تقع على بعد اثني عشر ميلاً إلى الشمال الشرقي من الموصل ، على الضفة الغربية لنهر دجلة ، مقابل أطلال نينوى . وأسفر التنقيب عن الكشف عن قصر سرجون الثاني . وهكذا مهد الطريق للكشف عن تاريخ سرجون نفسه واعطائه مكانته اللائقة في التاريخ . وتبلغ المساحة التي يقوم عليها القصر نحو 25 فداناً . والقصر نفسه هو أفضل القصور الملكية الأشورية احتفاظاً بكيانه ، وهو قائم فوق أسوار المدينة ، وكان يحتوى على أكثر من مائتي حجرة ، وثلاثين فناء . وكانت الحوائط بالغة الزينة وجميلة النقوش.
فبعد قليل من اعتلاء شلمنصر الخامس عرش أشور (في 727 ق.م.) امتنع هوشع -آخر ملوك إسرائيل - عن دفع الجزية لأشور ، وحاول أن يعقد مع مصر محالفة دفاعية ضد العدو المشترك . وقد أسفر سوء تقدير هوشع لقوة أشور وقوة مصر ، عن أوخم العواقب لإسرائيل . فلم تكن حالة مصر في ذلك الوقت تسمح لها بتقديم مساعدة حقيقية لهوشع . وهكذا حدث في 724 ق.م أن زحف شلمنأصر على إسرائيل ، فلم يجد إلا مقاومة ضئيلة ، فاحتل الأشوريون كل البلاد ما عدا العاصمة ، فقد كانت "السامرة" حصينة ، واستطاعت أن تقاوم الحصار لثلاث سنوات ، ولكنها سلَّمت أخيراً في 722 / 721 ق.م.
ومازال الفاتح الحقيقي للسامرة موضع خلاف ، ومعظم العلماء يقبلون ما ذكره سرجون في نقوشه من أنه في بداية حكمه حاصر السامرة وفتحها وسبى 27.290 نفساً من سكانها . ولكن بعض العلماء الآخرين لاحظوا أن ما جاء في سفر الملوك الثاني (17: 3-6) يؤيد - كحقيقة ثابتة - أن شلمنأسر هو الذي استولى على السامرة ، باعتبار أنه من غير المحتمل أن "ملك أشور" في العدد السادس يمكن أن يشير إلى ملك آخر غير المذكور في الأعداد السابقة . علاوة على أن السجلات البابلية تؤيد ما جاء بالكتاب المقدس في هذا الصدد، فتسجل أن شلمنأسر دمر مدينة "سامارين" (السامرة؟).
وبعد تدمير السامرة أعيد تنظيم إدارة إسرائيل ، واعتبرت البلاد مجرد ولاية أشورية باسم "سامريا" يحكمها حاكم أشوري.
وحالما اعتلى سرجون العرش ، واجه ثورات في أجزاء عديدة من إمبراطوريته الشاسعة . ففي 721 ق.م. ثار عليه "مردوخ أبلا إيدينا" (مرودخ بلادان) بالاتحاد مع العيلاميين . وقد نجح في ثورته مما شجع غيره من المنشقين في أجزاء أخرى من الإمبراطورية . وقد تولى مرودخ بلادان حكم ولاية بابل ، مستقلاً لمدة أكثر من عشر سنوات، فلم يستطع سرجون أن يخلع هذا المغتصب إلا بعد أن تخلص من المتاعب في الغرب، فطرده من البلاد إلى حين.
وفي 720 ق.م. قامت الثورات في حماة وعزة ودمشق والسامرة نفسها ، واستطاع سرجون أن يقضي على هذه الثورات (في ولايات الشمال) في موقعة "قرقر" ، ثم زحف جنوباً حتى وصل إلى رفح حيث أوقع هزيمة نكراء "بسيبو" "ترتان" (أي قائد) جيوش فرعون مصر، الذي أرسله لنجدة "هانُّو" ملك غزة . ونقرأ في سفر الملوك الثاني (2مل17: 24) أن ملك أشور أتى بقوم من بابل وحماة وغيرهما وأسكنهم في السامرة حيث اختلطوا بالباقين بها من الإسرائيليين ، ومنهم جميعاً جاء السامريون.
وفى 710 ق.م. حقق سرجون انتصارات في كل مكان ، فخضعت له في كل سوريا وفلسطين ومعظم سلسلة جبال زاجروس. وكانت أراراط تضمد جراحها ، كما كان المصريون يسالمونه، ولكن العلاميين والفريجيين كانوا يعادونه ،لكنهم لم يجرؤا على محاربته. وظلت بابل – تحت حكم مردوخ بلادان-شوكة في جنبه. ولكن فى710 ق. م.زحف عليها للمرة الثانية وانتصر عليها نصرة فاصلة، هرب على أثرها مردوخ بلادان إلى عيلام. أخذت شهرة سرجون في ازدياد، وفشلت كل جهود الأعداء في النيل من الإمبراطورية الأشورية، التي بلغت أوج عظمتها وقوتها في السنوات الأخيرة لسرجون. وكان سرجون يحب –كقائد حربي- أن يعيش في كالح (نمرود) العاصمة الحربية للأمبراطورية، فاعاد تشييد قصر أشور ناصربال وأقام فيه. ولكن كبرياءه دفعته إلى بناء قصر له في مدينته هو Mospaa . وفى 717ٌق.م. وسع أساسات قصره " قلعة سرجون"(دار شاروكين) بالقرب من خورسباد، واستغرق البناؤن في بنائها عشر سنوات. وقد قضى سرجون سنواته الأخيرة في سلام نسبى، فاستطاع في أثنائها أن يقوم بتلك المباني العظيمة، ووجه التفاته إلى تسجيل غزواته وأعماله العظيمة. ولكنه لقي حتفه فى705 ق.م. قتيلاً في مناوشة على الحدود في أسيا الصغرى، ودُفن بعيداً عن وطنه، وخلفه أبنه سنحا ريب على عرش أشور
قصة سرجون كما كتبت في النقوش البابلية من القرن السابع قبل الميلاد
أنا سارجون، ملك الأكاديين، ملك القوة
أمي قديشة، أبي لم أعرفه
أعمامي أحبوا التلال
مدينتي أزوبيرانو، الواقعة على ضفاف الفرات
أمي القديسة حملت بي، وولدتني في السر
وضعتني في سلة وغطت عيناي بالقار
وألقتني في النهر
التقطني " عكي" من النهر وهو يتناول إبريقه
اتخذني " عكي" ابنًا له ورباني
عينني بستانيًا لحديقته
وأنا بستاني، أحبتني عشتار
ومضت الأيام إلى أن سرت ملكًا
**تم تدمير متحف الموصل يوم 26 فبراير 2015 علي يد مجموعة من تنظيم الدولة الاسلامية "داعس" بحجة طمس الاصنام وتم تخريب المتحف كامل بكل ما يحويه من اثار
**تم تدمير المتحف العراقي ونهب وتخريب اغلب محتوياته ابان الغزو الامريكي للعراق في ابريل 2003 فيما عرف انذاك بالحواسم
0 comments: