خواطر أقتصادية ....1
مفارقة عجيبة (الجزء الأول)
الورق أغلى من الذهب
صباح هذا اليوم وبعد أفتتاح سوق بورصة لندن هبط الذهب لمستويات قياسية لم يكن قد وصلها منذ أكثر من 5 سنوات حيث وصلت سعر الأونصة الواحدة عند أفتتاح السوق ب 1073 دولار المفارقة المضحكة في الأمر أن الذهب معدن نادر الوجود وأن كمياته محدودة وهو كبقية السلع النادرة لايمكن تصنيعها أو الأستغناء عنها والمفارقة الطريفة الأخرى والتي لايعرفها أغلب الناس أن سعر استخراج الأونصة الواحدة من الذهب تكلف بالضبط 1250 الى 1300 دولار للأونصة من أجور طاقة ومكائن وعمال وغيرها من المصاريف اللوجستية الأخرى فهذا جعل عملية أستخراج الذهب وبيعه عملية خاسرة وغير مربحة بالمرة ؟ فهل من المعقول ان تتفوق العملة الورقية الأمريكية التي لاتكلف بضع سنتات من الأحبار والورق على هذا المعدن النفيس أنها فعلا مفارقة تستحق الوقوف عندها وتحليلها ! لنرجع قليلا الى الوراء وبالتحديد للعام 1944 وقرب أنتهاء الحرب العالمية الثانية حيث عقد مؤتمر بريتون وودز وسمي لنفس المكان الذي انعقد فيه المؤتمر(غابات بريتون في نيوهامبشر بالولايات المتحدة ) والذي أدى في عام 1944 إلى تأسيس نظام الصرف الأجنبي في مرحلة ما بعد الحرب وظل هذا النظام متماسكاً إلى أوائل السبعينات. ونتج عن المؤتمر إنشاء صندوق النقد الدولي (IMF). كما ثبت النظام العملات في نظام ثابت للصرف الأجنبي بنسبة تذبذب 1% للعملة بالنسبة للذهب أو الدولار؟ وقد حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة. وقد وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام العالمي المالي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية. وتمنى الممثلون إزالة العقبات على المدى الطويل بشأن الإقراض والتجارة الدولية والمدفوعات. وقد رفع مؤتمر غابات بريتون خططه إلى منظمتين دوليتين هما: صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير. وقد عمل الصندوق على تشجيع الاستقرار المالي الدولي وذلك من خلال توفير المساعدات قصيرة الأجل لمساعدة الأعضاء الذين يواجهون عجزًا في ميزان المدفوعات، وقد أعطى البنك قروضًا دولية ذات آجال طويلة خاصة للدول ذات النمو المتدني ومن نتائج هذا المؤتمر بالأضافة الى أنشاء صندوق النقد الدولي هو تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي بما يساوي 35 دولار للأونصة الواحدة من الذهب، ثم تثبيت عملات الدول أمام الدولار الأميركي، وعدم السماح لسعر صرف العملة بالتقلب أكثر من 2% صعودًا وهبوطًا من القيمة الثابتة أمام الدولار. وهكذا تم أعتماد الدولار الأمريكي كعملة مرجعية للتعاملات الدولية . ولكن بعد دخول أمريكا المغامرات الطائشة في كوريا وفيتنام بدأ التضخم يظهر بشكل واضح وجلي وبدأ الأختلال واضحا في ميزان المدفوعات وباتت أمريكا على أعتاب ازمة أقتصادية كادت تهوي بها الى الحضيض لنها أصبحت عاجزة عن سداد ديونها بعملة الدولار المقومة بالذهب حيث أصبح الذهب الموجود لدى الأحتياطي الفيدرالي لايغطي كمية الدولار الورقي المطبوع حينها لولا أن تدارك الرئيس نيكسون حينها الموقف وأصدر قراره التاريخي في 15/8/1971 بفك أرتباط الدولار الأمريكي بالذهب وأصبحت طباعة الدولار بلا حسيب أو رقيب لشباع نهم أمريكا وتوسعها ونهبها لخيرات الشعوب .. والكثير من المؤرخيين يصفون ذالك القرار بأنه أكبر سرقة مالية في التاريخ الحديث ! ومن اهم نتائج فك ارتباط الدولار بالذهب في العام 1971 ان امريكا اصبحت حرة طليقة في طباعة ما تشاء من الدولارات ولادخال الدولارات في حركة الاقتصاد الرسمي والاقتصاد الحقيقي العالمية اصدرت امريكا اوامرا لاكثر الدول تصديرا للنفط ليتم تداول النفط بالدولار.وهكذا تم حبك المؤامرة لأنقاذ الدولار الورقي الذي لايعدو كونه أكثر من ورقة مطبوعة لاتكلف غير الورق والحبر اللازم لطباعتها .... وللحديث تكملة
0 comments: