خواطر أقتصادية ...4....الورق أغلى من الذهب






مفارقة عجيبة (الجزء الرابع)


الورق أغلى من الذهب



بعد أن تعرفنا على خطط الولايات المتحدة لحماية وتدعيم عملتها على حساب مقدرات وثروات الشعوب الأخرى سوف نتطرق هنا الى مالذي جعل كل ذالك ممكنا للولايات المتحدة لكي تنقض المواثيق وتفك ارتباط عملتها بالذهب وماهو رد فعل الدول التي وقعت معاهدة بريتون وودز (1944-1971) 

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945, خرج الحلفاء المنتصرون عسكريا بمشاكل اقتصادية عملاقة جراء تكاليف الحرب, ما عدا امريكا التي حافظت على قوة اقتصادها نسبيا لبعدها الجغرافي عن مسرح العمليات الحربية, وفي مؤتمر بريتون ودز الذي عقد العام 1945 نجحت امريكا باقناع الدول المجتمعه تحت ضغط المشاكل الكبيرة التي تواجهها اقتصادات هذه الدول على اعتماد الولار الامريكي كاحتياطي عالمي لعملات هذه الدول على ان تفك هذه الدول ربط عملاتها بالذهب و تربطها بالدولار الامريكي بشرط ان تلتزم امريكا بدعم الدولار بالذهب مقابل سعر ثابت و هو 35 دولار للأونصة (الاونصة حوالي 28 غرام),حيث قامت دول العالم بشراء الدولار بالذهب مقابل هذا السعر الثابت. و هكذا كان, وبإعتماد الدولار كإحتياطي لعملات هذه الدول, أصبح الدولارالعملة العالمية للتبادلات التجارية بحيث اصبح الدولار هو العملة العالمية لتسعير و تقييم البضائع العالمية مما اعطى امريكا الفرصة التاريخية لينمو اقتصادها و ليصبح اقوى و اضخم اقتصاد في التاريخ متزامنا مع الطلب المتزايد على الدولار الامريكي مع نمو اقتصادات دول العالم و تزايد حجم العمليات التجارية. و لكن و تحت ضغوط الحرب الباردة التي تلت ذلك و حروب امريكا و على رأسها حرب فيتنام قامت امريكا ممثلة بالاحتياطي الفدرالي بطباعة حجم ضخم من الدولار بدون دعمها بالذهب .....هنا دعونا نتوقف لتحليل ذلك في النقاط التالية: ا- في البداية اتفقت امريكا مغ دول العالم على دعم الدولار بالذهب مقابل سعر ثابت بحيث تلتزم امريكا بعدم طباعة المزيد من الدولار او بتغطية أية كمية تطبع من الدولار بنفس القيمة من الذهب حسب اتفاقية بريتون ودز. ب- بعد ذلك قامت دول العالم بشراء الدولار الامريكي بما تمتلك من ذهب على اعتبار ان سعر الدولار ثابت مقابل الذهب حسب الالتزام الامريكي.... وهو الالتزام الذي لم تلتزم به امريكا منذ اليوم الاول. ت- قامت امريكا بعد ذلك بطباعة المزيد من الدولار (بالمليارات)- تحت رفض الاحتياطي الفدرالي لأية رقابة على عمليات الطباعة- بدون ان تدعمها بالذهب حسب القيمة المتفق عليها و هي 35 دولار للاونصة. ث- ان طباعة المزيد من الدولار بدون دعم يعني نقص قيمة الدولار مقابل الذهب. ج- ان نقص قيمة الدولار مقابل الذهب يعني ان قيمة النقد بالدولار الامريكي قد فقد الكثير من قيمته الفعلية, و بالتالي فان قيمة الاحتياطي بالدولار الذي تمتلكه كل دولة تدعم عملتها بالدولار حسب اتفاقية بريتون ودز قد فقد جزء كبير من قيمته مساوية لنسبة الدولار الذي طبعته امريكا بدون دعم بالذهب....فلو فرضنا ان امريكا طبعت 30% من حجم السيولة العالمية الدولارية بدون دعم فهذا يعني ان كل الدول فقدت 30% من قيمة الاحتياطي الدولاري الذي تمتلكه ....و هذا ما نسميه سرقة للعالم قامت بها امريكا اذا انها و بهذا القرار استولت على جزء كبيرمن ممتلكات الدول بدون حق...........و هذه اكبر سرقة تمت في التاريخ. ح- بعد أن اكتشفت دول العالم ذلك بسبب تزايد كميات الدولار في الاسواق العالمية, قامت و على رأسها فرنسا و حسب اتفاقية بريتون ودز بالطلب من امريكا باسترجاع ذهبها مقابل القيمة المتفق عليها في بريتون ودز مما ادى الى حدوث أزمة عالمية و تدهور سعر صرف الدولار جراء ذلك و تباطؤ التجارة العالمية . خ- للرد على ذلك و لمواجهة الازمة رفضت امريكا الطلب الفرنسي و قام رئيسها نكسون في 15 اعسطس من العام 1971 بالاعلان عن فك ارتباط الدولار بالذهب مؤقتا و عن توقف تحويل الدولار الى ذهب بشكل مؤقت, و هو الاعلان المؤقت الذي ما زال ساريا لغاية الان. د- لتحسين الطلب العالمي على الدولار و لمواجهة الدول التي ابدت رغبة بالتخلي عن الدولار" مثل فرنسا" , قامت امريكا بالاتفاق مع دول اوبك باعتماد الدولار الامريكي فقط لبيع النفط الخام مقابل تأمين الحماية العسكرية لهذة الدول, مما اضطر الكثير من الدول الى الاستمرار بالاعتماد على الدولار لشراء النفط و الكثير من السلع العالمية التي لا تباع الا بالدولار. هكذا نجحت امريكا بالخروج من الازمة و بتمرير ما قامت به من خلال اعادة الطلب على الدولار لمستويات معقولة.......على ان هذا لا ينفي ان امريكا قامت بسرقة دول العالم ثم استغلت قوتها العسكرية و الاقتصادية لاجبار الدول على تقبل ذلك و تمريره و كأن شي لم يكن.........بعد ذلك قامت دول العالم و لتحديد سعر الصرف لعملاتها الوطنية باعتماد عدة اليات.
و في هذا السياق أجد أنه من الضروري توضيح أن أمريكا تعتبر ان المساس بالاعتماد العالمي على الدولار يعتبر مساسا بالامن القومي الامريكي, و كل من يفكر او يحاول توجيه الاقتصادات العالمية بعيدا عن الدولار سيعتبر عدوا للامن القومي الامريكي.......و هذا ما يفسر الثورات و الاغتيالات للعديد من زعماء العالم الذين حاولوا او على الاقل فكروا باعتماد عملة اخرى غير الدولار........وعلى الرغم من نجاح الكثير من دول العالم ظاهريا الاعتماد على وسائل اخرى لدعم اقتصاداتها الا ان الدولار يبقى العملة الرئيسية لغاية اليوم لعدة اسباب اهمها ان انه ما زال العملة الرئيسية لتسعير و بيع النفط العالمي.
 وللحديث بقية

0 comments:

Blog Tips
Blog Tips
2009@ سوالف عراقية

اشترك معنا في سوالف عراقية