هل كان يستحق القضاء على صدام كل هذا الخراب والدمار؟
أرجو أن لايفهمني البعض أني من دعاة مناصرة الدكتاتورية وحكم الطغاة فلا اتصور ان هنالك اي كائن عاقل في هذا الكون الفسيح يرضى بأن تكبل حياته بنير الظلم والخوف فمنذ خلق الأنسان على وجه البسيطة يسعى جاهدا أن يكون حرا طليقا لاتكبله قيود أو اسوار بل وحتى تعدى ذالك الى عالم الحيوان فهنالك حيوانات تفضل الموت على الوقوع في الأسر . صدام كان من الطغاة المستبدين والأمر الذي لايختلف أثنان عليه أنه تمادى في جبروته وطغيانه بحيث بتنا نسمع قصص الرعب والموت مالم تسطره أقلام أو توثقه كتب التاريخ فمن الموت بالتفخيخ الى رمي المعارضين الى الحيوانات الضارية الى اذابتهم في أحواض الأسيد الى الأغتيالات بشتى الوسائل والصنوف ! ولقد عانى ماعنى الشعب العراقي من ويلات صدام ونظامه فكانت جمهورية الخوف هو أفضل ماأطلق على العراق ابان حكم صدام وهنالك رواية بنفس الأسم لكنعان مكية وهو مهندس معماري عراقي يسطر فيها معالم تلك الحقبة من تاريخ العراق الأسود . الشعب العراقي بعد كل تلك السنوات وتلك المرارة اصبح ينتظر اليوم الموعود للتخلص من نظام الطاغية فكان يرضى حتى بحكم أبليس شريطة الأطاحة بصدام لذالك نرى أنه قبل وبترحاب منقطع النظير لدى الغالبية من الشعب العراقي وبالخصوص السواد الأعظم من الشيعة والكرد العراقيين على أن تتولى أمريكا أسقاط نظام حكمه حتى لو تحملوا وزر الدخول في حرب جديدة المهم تكون نتيجتها القضاء على صدام وزبانيته لذالك نرى أن غالبية الجيش العراقي قد أستسلم وبكل سهولة ولم يقاتل ضد الأحتلال الأمريكي في بدايته لقناعته التامة بأن أمريكا كانت عازمة هذه المرة على الأطاحة بصدام ! أسبشر الجميع خيرا بعد السقوط وأملوا بفتح صفحة جديدة في تاريخ العراق صفحة مبنية على أحترام الأنسان وكرامته وبناء العراق بعد السنوات العجاف التي كان العراق يرزخ فيها تحت نير الطاغية ؟ ولقد اثبتت تجربة الديمقراطية التي فرضتها أمريكا على العراق فرضا فشلها الذريع حتى قبل أن تبدأ على أرض الواقع فلقد كشفت هذه الديمقراطية بأن العراقيين لم يكونوا مؤهلين لتقبل هذا النوع من الحرية والديمقراطية فنسبة الجهل والأمية كانت تشكل نسبة لاباس بها من طبقات الشعب العراقي بالأضافة الى حاجز الرعب والخوف الذي عانى منه العراقيين طوال الثلاثين سنة من حكم البعث في العراق قد أزيح دفعة واحدة دون تأهيل أو سيطرة لذالك شهدنا ماشهدنا بعد السقوط من أنتشار الفوضى وعمليات السلب والنهب وحرق كل مايمت للحكومة من ابنية ومؤسسات ومكاتب على يد ابناءه والذي زاد الطين بله حل الجيش العراقي أنذاك والذي وضع العراق فريسة للفوضى وأنعدام أية سلطة أو قوة مؤثرة كان من الممكن أن تسيطر على الوضع حينها لحين التوصل الى طريقة لأدارة حكم العراق وكل ذالك كان مقصودا من أمريكا وأسرائيل وحلفاءها من الكرد والشيعة والسنة الذين جاؤوا مع الأحتلال لأهداف أتضحت معالمها بعد فترة فتم تقسيم العراق نظريا الى ثلاثة أقسام من تركيبة نظام الحكم التي فرضت وقتها على العراقيين فتم تقاسم السلطة بين الكرد والشيعة والسنة وتم تأكيد وترسيخ هذا المبدأ بنظام المحاصصة الذي ضرب المسمار الأخير في نعش الدولة العراقية بصياغة الدستور الأعرج الذي كانت كل فقراته تعج بالألغام والفقرات التي تعزز وترسخ من تقسيم وتدمير هذا البلد فبعد ان كنا نخضع لسلطة الحزب الواحد والقائد الواحد أصبح للعراقيين الف حزب وحزب والف قائد وقائد والف كتلة وكتلة تتحارب فيما بينها للفوز بحصة الأسد من كعكة العراق حتى وأن تم ذالك على حساب الدم العراقي فبعد أن كنا نسمع بأساليب الطاغية في القتل وأنتقام بتنا نرى كل تلك المشاهد وهي تطبق على أرض الواقع فبات الموت والدمار ورائحة الدم هي خبز العراق اليومي من سقوط النظام ولحد الأن تهالكت البنى التحتية التي تم بناءها في زمن ذالك الطاغية ولم تجدد أو يتم أستبدالها وأصبح الفساد هو السمة البارزة لهذه الدولة من أعلى المستويات حتى اصغر موظف لدى الدولة العراقية فاصبحت الرشوة وفساد الذمم وشرعنة سرقة المال العام تحت مختلف المسميات والذرائع هي الحالة السائدة لهذا البلد فاصبح العراق يتبوأ المراتب المتقدمة في مستويات ودرجات التصنيف العالمي للدول التي تحتل مراتب متقدمة من الفساد فانحدرت مستوى الخدمات التي تقدم للمواطن من تعليم وصحة وخدمات حياتية تمس حياة المواطن ومفاصل حركته اليومية فأزداد الفقير فقرا وزاد الغني غنى بل وظهرت حيتان من الفاسدين الذين اثروا على حساب قوة ورزق السواد العظم من هذا الشعب ونتيجة لكل ذالك سقط العراق وأصبحت ثلث مساحته محتلة من قبل عصابات داعش التي لاتعدوا عن مجموعة من المرتزقة الذين يقاتلون تحت راية القاعدة فيمى مضى ليكونوا تنظيما جديدا باسم الدولة الأسلامية في العراق والشام وبدعم من بعض الدول التي لها مصلحة في ذالك ؟ تصوروا فصيل من المرتزقة يهزم جيش لدولة مثل العراق ويستولي على أسلحته وموارده ! لقد ذاق العراقيين مالم يذقه أي شعب على وجه البسيطة من ذل وضيق ومآسي لم يسلم منها الكبير ولا الصغير فأصبحنا نازحين في بلدنا ومشردين خارجها ورائحة الموت والدمار تعبث بمقدرات ومصير هذا البلد فاستنزفت ثرواته وذهب خيرة أهله وشبابه بفعل الأرهاب والطائفية وليبقى السواد الأعظم ينتظر وينتظر المخلص والمنقذ والفتوى التي تنقذه من حاله المآساوي الذي وصل اليه فلقد أصبح اليوم مهدد بوجوده كبلد وككيان وكدولة أصبحنا نتساءل الى اين نحن ذاهبون والى أي مصير سيؤول حالنا في ظل التشرذم والتناحر والتصارع على السلطة والمناصب فالطبقة السياسية طبقة النخبة المشغولة بخلافاتها وأحزابها بعيدة كل البعد عن هذا المواطن المسحوق الذي أصبح يكابد ويعاني لكي يبقى على قيد الحياة في بلد أصبح العيش فيه بأمان من الأحلام ان لم تكن من المستحيلات ... فبعد كل ذالك هل نستطيع القول بأن سقوط صدام كان يستحق فعلا كل هذه التضحيات !!!!!!!!
0 comments: