لماذا تنهار قيمة العملات؟ لماذا سيفقد النظام النقدي اهميته و دوره؟
النظام النقدي و المصرفي ينهار بسبب اليات النظام الاقتصادي الراسمالي الذي انهى
دوره التاريخي. فالاتمتة و استخدام الروبوت و الكومبيوتر و الحواسيب و تطور
الانتاج و تضخم القدرات و الطاقات الانتاجية ادى الى انهاء او لنقل التقليل التدريجي
من دور العمالة البشرية في الانتاج مما ادى الى تسريح مئات الملايين من العمال. و
لاجل ان تكون هنالك دورة انتاج و لاجل ان يسير اقتصاد السوق ينبغي ان يكون
هنالك من يشتري البضائع. اذا لم يكن لدى مئات الملايين من العاطلين عن العمل
اموالا للشراء فان الشركات لا تستطيع البيع و سيتوقف النظام باسره.
كيف سنحل هذه المشكلة؟ النخبة التي تسيطر على مقدرات كوكبنا قررت ان تمنح
البنوك صلاحيات ضخ النقود في الاسواق عبر نظام للتسليف تم التشريع له في وثيقة
واليات النقد الحديثة التي صدرت عن البنك الفيدرالي الاحتياطي الامريكي عام 1971
تحولت الى نظام بنكي عالمي. بدات البنوك تسلف الحكومات و الشركات و الافراد
لاجل اكمال الدورة الاقتصادية.جميع دول العالم و معظم الشركات و الافراد اصبحوا
مدينين للبنوك و عندما لم يكن بمقدورهم دفع ديونهم استدانوا المزيد لدفع الديون وهكذا
وصلت الامور الى نهايتها.
تعالوا ندقق قليلا في هذه الفكرة التي تثير السخرية حقا. فاذا كنت انا منتجا و انت
مشتري, ما معنى ان اعطيك نقود لكي تشتري و عندما تنتهي نقودك امنحك المزيد
لكي تواصل الشراء و اذا توقفت انا عن منحك النقود تتوقف انت عن الشراء و انا عن
الانتاج... هذا هو بالضبط ما يجري في نظامنا المصرفي. انظروا الى اليونان و اسبانيا
مثلا السوق الاوروبية تمنحهم القروض لكي لا تنهار الدولتين.. هم اصلا لديهم ديون
لايستطيعون دفعها و لكي تسير الحياة في هذه البلاد ينبغي منحهم المزيد من الديون. و
في الولايات المتحدة تحطم الديون ارقاما قياسية في كل يوم و هم يضخون الدولار
المطبوع في الاسواق لادامة الشراء. و للعلم فان جميع دول اوروبا و معظم دول العالم
ايضا لديها ديون تفوق طاقتها على الدفع. و جميع الدول تستدين لكي تدفع ديونها و
تديم حركة اسواقها. و كذلك الافراد و الشركات يفعلون الشئ نفسه حتى تحول النظام
النقدي بمجمله الى مسخرة مضحكة.
النظام الراسمالي لم يعد في الحقيقة نظام قائم على النقود بل الاحرى بنا ان نقول بانه
نظام قائم على الديون. و الديون عبارة عن ارقام حتى لم يعودوا يكلفوا انفسهم عناء
طبعها بل هي الكترونية. 3 - 5 % فقط من كل الدولار و اليورو الموجود يتم طبعه لا
اكثر الباقي عبارة عن ارقام لا توجد اصلا سوى في عالم افتراضي.
نحن لا ندعو الى عالم بلا نقود لان لدينا نموذجا في الخيال و نريد تطبيقه. في الحقيقة
النظام القائم على الديون هو بعمل بنفسه دون رغبة منه باتجاه ذلك و لم يعد يعمل منذ
عقود و لم يعد قادرا على الحياة بحكم الرياضيات الخاطئة في نظامنا الحالي. اسياد
النظام بانفسهم لم يعد لديهم اية خيارات سوى ادامة طبع و تسليف النقود حتى ينهار
النظام النقدي و معه النظام الراسمالي برمته في النهاية. النظام اﻻجتماعي الحالي
بنفسه في صدد تخفيض قيمة العملات و ستصل الى حد اختفاء قيمتها دون اي شك.
المشكلة الاصلية ليس في قدرة الراسمالية على الصمود لان الاقتصاد الراسمالي
سينهاربدون ادنى ريبة. المشكلة هو ان هذا الانهيار لا يؤدي بالضرورة الى اقامة نظام
اجتماعي جديد. فاذا منحت البشرية حفنة من الفاسدين من اصحاب البنوك و السياسيين
مصيرها لحل مشاكلهم فانه ليس من المتوقع ان يقوم هؤلاء باختيار حلول اخرى غير
تلك التي شهدناها في الماضي اثر الكساد العظيم الذي ادى الى الحرب العالمية الثانية.
سندخل حروب مدمرة غير معروفة الحجم و العواقب او اننا سنلغي النظام القائم على
طبع النقود. هنا يلعب وعي البشر دورا في فرض التغيير باتجاه الحلول التي ستؤدي
الى بناء حضارة انسانية جديدة او انحدارنا نحو بربرية لم يشهد لها التاريخ مثيلا من
قبل.نحن حقا ﻻ نعرف كيف سيكون المستقبل ولكن ليس لدينا اي شك من ان علينا
تغيير النظام الاجتماعي او اننا نواجه اخطار محدقة و ايام صعبة و حالكة.
هذه رياضيات و ليست اراء شخصية و تخمينات..
0 comments: